قال رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، اليوم الأربعاء، إن حكومته ستترك للحكومة المقبلة مالية عمومية ووضعا أمنيا أفضل مما كانا عليه عند تسلمه السلطة في 2016 داعيا الحكومة المرتقبة إلى مواصلة العمل في نفس الاتجاه.
وأضاف في حوار مسجل، بثته اليوم القناة التلفزية العمومية "الوطنية 1" والقناة الخاصة "التاسعة" أن التحديات الكبرى التي ستواجهها الحكومة المقبلة تتمثل في توفير موارد تمكن من الاستجابة لتطلعات الشعب في الجوانب الاجتماعية، وهو ما يستدعي وفق تقديره اعادة هيكلة المؤسسات العمومية وتكريس الرقمنة وتحسين الجباية والنهوض بالقطاعات المنتجة على غرار الفسفاط والطاقات المتجددة وحقل نوارة الذي سيمكن من توفير 1 بالمائة في النمو في ميزانية الدولة سنة 2020.
ونفى ترشيحه لمنصب وزير الشؤون الخارجية رغم علاقته الطيبة برئيس الجمهورية قيس سعيد والذي يكن له احتراما شديدا وفق تعبيره، معتبرا أنه يتعرض إلى حملة تشويه شبيهة بما تعرض له هو طيلة السنوات الثلاث الماضية من قبل ما وصفه "جزء من الطبقة السياسية التي لا ترغب في سياسيين صادقين يسعون إلى مقاومة الفساد".
ودعا الشاهد الطبقة السياسية إلى الاعتراف بأخطائها واستخلاص العبرة من الانتخابات الأخيرة التي عاقبت أحزاب السلطة والمعارضة على حد السواء، مشيرا إلى أن هذه الطبقة تجاهلت ما حصل في الانتخابات الأخيرة وعادت إلى التجاذبات وكان من الأجدى بها تغيير طريقتها في ممارسة السياسة.
وأضاف أن حزب تحيا تونس لن يكون قوة تعطيل في علاقته بالحكومة المقبلة، مشيرا إلى أنه أثناء لقائه برئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي أطلعه على قرار هياكل الحزب وتصوره لحكومة مصلحة وطنية.
واعتبر أن مصير الحكومة القادمة لن يكون رهين الحصول على 109 من الأصوات بل يجب التوصل إلى توافق حقيقي بين الأحزاب المشاركة في الحكم وليس توافقا مغشوشا على غرار ما حصل في السابق.
ونفى أن يكون سببا في تشتت العائلة الوسطية إذ أن عددا من القيادات من المنتمين إلى حزب نداء تونس سبقوه بالانشقاق وتكوين أحزاب بسبب رفضهم سياسة التوريث التي انتهجها نجل رئيس الجمهورية الأسبق حافظ قايد السبسي.
واعتبر وهو على مشارف مغادرة قصر الحكومة أنه توفق طيلة سنوات حكمه الثلاث في بعض المسائل وأخطأ في بعضها، مشيرا إلى أن فتحه لعديد الواجهات في علاقة بالبرلمان والاتحاد العام التونسي للشغل ومكافحة الفساد جلبت له عدة متاعب.
وأضاف الشاهد أنه حقق بعضا من وعوده خاصة المتعلق منها بالجوانب الأمنية وبتقليص عجز ميزانية الدولة، موضحا أنه عند تسلمه للحكومة عقب ثلاث عمليات إرهابية كبرى كانت جميع الدول الأوروبية تحجر السفر على مواطنيها إلى تونس وهو ما تغير كليا السنة الماضية بسبب ما بذلته الحكومة من مجهودات لتحسين الوضع الأمني والاستثمار في الأمن والدفاع.
وذكر أن تونس حققت خطوات مهمة فيما يخص إرساء المنظومة الالكترونية على حدودها الشرقية مع الجارة ليبيا وهو ما قلص بنسبة كبيرة من ظاهرة التهريب وكان له أثر ايجابي في الحرب على الإرهاب، داعيا إلى مزيد الاستثمار في الأمن والدفاع فمن دونهما لا يمكن الحديث عن استثمار وتشغيل وتنمية لاسيما بعد تقدم تونس بـ 15 نقطة في سنوات حكمه وفق المؤشر العالمي للإرهاب (غلوبال تيروريسم انداكس).
أما بخصوص عجز ميزانية الدولة فقد اعتبر الشاهد أنه حقق نسبة مقبولة فيما يخص التخفيض من هذا العجز من 6.1 بالمائة سنة 2016 إلى 3 بالمائة السنة الماضية، مستدركا بالقول "يجب على الحكومة المقبلة تحسين هذه النسبة".
كما أبرز تمكن حكومته من الترفيع في مدخرات البلاد من العملة الصعبة بـ1 مليار دولار عما كانت عليه عند تسلمها مهامها وهو ما يوفر 106 يوم توريد.
وفي سياق متصل كشف أن سنة 2019 ستكون أول سنة منذ 2011 لن يتراجع فيها الترقيم السيادي لتونس وهي خطوة مهمة يجب تدعيمها باعتبار أن وكالات الترقيم السيادي ستقوم بزيارة تونس في غضون 3 أشهر للاطلاع على مدى مواصلة الحكومة الجديدة في سياسات التحكم في العجز وعندها سيكون بإمكان تونس في مرحلة لاحقة المطالبة بمراجعة ترقيمها نحو الأفضل.
في المقابل أقر الشاهد بأن ما حققته حكومته لم يشعر به المواطن الذي أصبح يعاني أكثر من أي وقت مضى من غلاء المعيشة والتضخم بالنظر إلى أن أولويات مرحلته كانت متوجهة نحو الاستثمار في الأمن عوض الاستثمار في المسائل الاجتماعية والتنمية والتشغيل والمرافق العمومية.
وبخصوص محاربة الفساد والانتقادات التي وجهت له بالانتقائية والانتقامية قال الشاهد أن تونس تقدمت بثلاث مراتب على سلم منظمة الشفافية الدولية، مبرزا ما قام به من إصلاحات على مستوى التشريعات والنهوض بمرفق القضاء والقطب القضائي والمالي.
واعتبر أن حكومته بذلت جهودا كبيرة في مجال مكافحة التهرب الجبائي وأكبر دليل على ذلك خروج تونس من القائمة السوداء لمجموعة العمل الدولية "غافي"، مضيفا أن حكومته عندما فتحت ملف إعادة هيكلة المؤسسات العمومية لم تلق أي مساندة من أي حزب سياسي على رغم أن مقترحاتها لم تكن تعني بالأساس خوصصة هذه المؤسسات.
أما بخصوص التعيينات الأخيرة فقد أكد الشاهد أن المعيار الوحيد فيها كان الكفاءة، مضيفا أنها تمت في إطار سد الشغور وتحقيق استمرارية الدولة كما دافع عن وزير التعليم العالي سليم خلبوس الذي قدم استقالته مؤخرا لترؤس منظمة دولية معتبرا أن منصبه الجديد يرسخ حضور تونس على رأس مثل هذه المنظمات التي غابت عنها في السنوات الأخيرة وسيمكن من الدفاع عن حظوظها.