وقال الوزير إن "نسبة البطالة، رغم تراجعها النسبي إلى 15.7%، إلا أنها لا تعكس العمق الحقيقي للأزمة"، مشيراً إلى أن الإحصائيات الحالية لا تشمل عدداً كبيراً من طالبي الشغل غير المسجلين بمكاتب التشغيل، والذين يفضلون الابتعاد عن المسارات الرسمية بسبب فقدان الثقة أو تعقيدات الإجراءات الإدارية.
وأضاف أن الوزارة تعمل على تطوير منظومة التسجيل الآلي لخريجي التعليم العالي ومراكز التكوين المهني، وإلغاء الإقصاء التلقائي من قواعد البيانات، حيث لا يُشطب أي باحث عن العمل إلا في حال حصوله على وظيفة، أو إحداثه مشروعاً خاصاً، أو توقيعه عقد عمل بالخارج. كما شدّد على ضرورة أن تواكب مكاتب التشغيل واقع السوق عبر تعزيز العلاقة مع المؤسسات وتوجيه الشباب نحو مسارات التكوين ذات القيمة التشغيلية.
وفي سياق دعم المبادرة الخاصة، كشف الوزير عن تخصيص 200 مليون دينار كخط تمويل موجّه للفئات محدودة الدخل في إطار قروض دون فائدة عبر البنك التونسي للتضامن، مشيراً إلى أن الهدف ليس فقط توفير تمويل، بل تمكين أصحاب المشاريع من تغطية اجتماعية وصحية وضمان التقاعد، بما يساهم في إخراج الاقتصاد غير المنظم من الظل إلى دائرة الشرعية.
كما أكد الوزير أن من بين أولويات الوزارة خلال المرحلة القادمة هو دعم المشاريع الناشئة خاصة في سنواتها الثلاث الأولى، عبر المرافقة المستمرة وليس فقط عند مرحلة بعث المشروع. وقال: "المرافقة يجب أن تستمر خلال وبعد انطلاق المشروع لضمان استقراره ونجاحه".
وعن الشراكة مع القطاع الخاص، أوضح الوزير أن الدولة انطلقت في مقاربة جديدة تقوم على "تحالف استراتيجي مع كبار المشغلين"، من خلال تقديم خدمات مرافقة وتشخيص لحاجيات المؤسسات وتوفير تكوين تكميلي ممول من الدولة. وقد تم فعلاً توقيع عدة اتفاقيات من بينها اتفاقية في قطاع الكوابل توفر 12 ألف موطن شغل، وأخرى بولاية زغوان ستوفر 800 موطن شغل، مشيراً إلى أن هذا التوجه سيُعمم على باقي الولايات.
وفي ما يتعلق بالتوظيف بالخارج، أشار الوزير إلى أن الهجرة المنظمة تمثل خياراً وطنياً، وقد تم توقيع اتفاقيات مع إيطاليا، ليبيا، قطر، والسعودية، مع توجه نحو تعزيز التعاون مع فرنسا وألمانيا وإسبانيا، من أجل توظيف الكفاءات التونسية في بيئة تحترم حقوقهم وتضمن لهم حماية قانونية واجتماعية. واعتبر أن "الهجرة غير النظامية تؤلمنا جميعاً، والحل هو التمكين والتأطير وتوفير البدائل المشروعة."
وبخصوص منظومة الاتصال داخل الوكالة الوطنية للتشغيل، شدّد الوزير على ضرورة تغيير الخطاب التقليدي والانفتاح على أساليب جديدة ومبتكرة للتواصل مع الشباب، قائلاً: "اليوم لا بد من خطاب صادق وشبابي، يشعر فيه الشاب بأن الإدارة تفهمه وتتحدث لغته، عبر قنوات رقمية ومبسطة وعصرية."
كما دعا الوزير إلى مواصلة الجهود في رقمنة الخدمات وتقليص الوثائق الإدارية، مبرزاً أن أحد الأهداف الرئيسية يتمثل في إيصال الخدمة إلى المواطن أينما كان، دون أن يضطر إلى التنقل أو الوقوع في دوامة البيروقراطية. وقال: "اليوم لدينا التزام واضح: محاربة الرشوة، التمييز، والبيروقراطية، واسترجاع ثقة المواطن في مؤسسات الدولة عبر الشفافية والتقنيات الحديثة".
وفي ختام تصريحه لمراسل إي أف أم، أعلن الوزير عن مشروع شراكة مع البنك الإفريقي للتنمية بقيمة 90 مليون يورو، يهدف إلى إحداث 13 ألف مؤسسة صغيرة على امتداد ثلاث سنوات (2025-2027)، بتمويلات ميسرة ودون حاجة إلى تمويل ذاتي في بعض الحالات، مؤكداً أن هذه المبادرات تشكل لبنة حقيقية في بناء نسيج اقتصادي واجتماعي متين، يكون فيه الشاب التونسي فاعلاً ومبادرًا لا باحثاً فقط عن وظيفة.
Address: Immeuble Louati 4e étage Lot 6.5.9
Les Jardins du Lac - Tunis - Tunisie
Tél: +216 70 016 020
E-Mail: contact@ifm.tn