في المدينة العتيقة بباجة حيث الأحياء والمساكن القديمة والأزقة الضيقة والجدران البالية لا تزال هناك أكثر من مخبزة تقليدية (والتي تعرف بين الأهالي بالكوشة العربي) صامدة في وجه السنين وما جاءت بها من حداثة وتجديد وأفران عصرية وتجهيزات ميكانيكية و إلكترونية غاية في السرعة والإتقان .

ولا تزال في باجة العتيقة رائحة الأكلات التقليدية وحلويات العيد تفوح بعبق التاريخ فتعيش المدينة العتيقة هذه الأيام حركية ذهاب وإياب بين المنازل والكوشة العربي، فتبرز الأطباق المرصفة بالحلويات زيادة على الأواني الفخارية المرصعة بالأكلات واللحوم ( القلة أو الدرجية) والتي غالبا ما يتولى صاحب الكوشة العربي  إضافة بعض البهارات والتوابل بطربقته الخاصة على هذه الأكلات في لمسات لا يحسن إتقانها غيره.
فحلويات الغريبة بالحمص والغريبة بالدرع وغريبة الفرينة والبشكوطو بأنواعه وأشكاله المختلفة زيادة على "صينية" البقلاوة الدياري هي أغلب ما تستقبله الكوشة العربي هذه الأيام وتحرص الأمهات على ان تلقى العناية داخل الكوشة العربي التي يوقدها الحطب والاكليل بروائحه الفواحة ومذاقه المتفرد.
أما عن المأكولات التقليدية التي تحتضنها الأواني الفخارية بمختلف أشكالها، فغالبا ما ترتكز على مختلف أنواع اللحوم من لحم الضأن ولحم العجل والدجاج والأسماك وحتى رأس الخروف، كلها تطهى داخل بيت النار بعناية فائقة من طرف صاحب الكوشة أو العامل بها حتى تنال ما تستحق من النيران ومن الوقت اللازم لتكون جاهزة بمذاقها المتفرد وطعمها الذي ينال من خصوصية الكوشة ووقودها الخشبي برائحة الغابة والاكليل والزعتر.
في باجة المدينة التي بقي بها فقط كوشة عربي بكل مقوماتها التقليدية والعتيقة وأخرى حافظت على أغلب مقوماتها مع بعض التحسينات الخارجية لا يزال الأهالي هنا في باجة العتيقة يحافظون على عادات الحلويات التقليدية والأكلات الزمنية على أمل أن تتم العناية والمحافظة على الكوشة العربي بكل مقوماتها التاريخية من أجل التمسك بعادات نفيسة وتراث مادي يربط حاضرنا بأصالة الأجداد.