وتُعد هذه المناسبة فرصةً لأهالي المنطقة للتعبير عن تعلقهم العميق بالتراث الصوفي، حيث يجتمع المئات من السكان، شيوخاً وشباباً، نساءً وأطفالاً، لإحياء ذكرى الولي الصالح سيدي الفهري، أحد رموز الذاكرة الدينية والثقافية في دار شعبان الفهري.
من هو سيدي الفهري؟
سيدي الفهري، واسمه الكامل سيدي محمد الفهري، يُعتقد أنه أحد أحفاد إدريس الثاني من سلالة الشيخ إدريس الأكبر مؤسس الدولة الإدريسية في المغرب الأقصى، والتي تنتسب في الأصل إلى القطب عبد الله الفهري. وقد انتقل عدد من أفراد هذه السلالة إلى تونس خلال القرون الوسطى، واستقر بعضهم في جهة الوطن القبلي، من بينهم سيدي الفهري، الذي ذاع صيته بين الناس بورعه وتقواه وخدمته للدين والعلم.
وتقول الروايات الشعبية إن سيدي الفهري كان صاحب كرامات ومكانة روحية عالية، وعُرف بجمعه بين العلم والعمل الصالح، مما جعله يحظى باحترام الأهالي وتقديرهم جيلاً بعد جيل. وتحولت زاويته في دار شعبان الفهري إلى مزار يقصده الزوار من داخل المدينة وخارجها للتبرك والتوسل، خاصة في المناسبات الدينية.
وانطلقت فعاليات "الحضرة" منذ الساعات الأولى لليوم، وسط أهازيج صوفية ومدائح نبوية، رافقها قرع الدفوف وعبق البخور، في مشهد جمع بين الزهد والفرح، وبين الروحانية والهوية. كما شهدت الساحة المحيطة بالزاوية حضور فرق صوفية قدمت من مختلف الجهات للمشاركة في هذا الحدث، الذي أصبح تقليدًا سنويًا متجذرًا في الذاكرة الشعبية.
يقول أحد المشاركين من أبناء المدينة:
"حضرة سيدي الفهري ليست مجرد طقس ديني، بل هي رسالة حب وسلام، وتجسيد حيّ لتواصل الأجيال وتشبّثها بجذورها الروحية".
يُذكر أن هذا التقليد العريق يعود إلى عشرات السنين، ويُعتبر من أبرز محطات الاحتفال في دار شعبان الفهري بعد أيام العيد، حيث يجتمع فيه البُعد الديني بالبعد الاجتماعي، في تظاهرة تُوحّد الأهالي وتُعيد وصل ما انقطع بين الأجيال.
تقرير: منتصر ساسي
Address: Immeuble Louati 4e étage Lot 6.5.9
Les Jardins du Lac - Tunis - Tunisie
Tél: +216 70 016 020
E-Mail: contact@ifm.tn