رحلة الزهر من الحقول إلى الأسواق
ينطلق موسم جني زهر النارنج منذ أوائل مارس، حيث يتوافد الفلاحون وعائلاتهم منذ الساعات الأولى من الصباح إلى البساتين حاملين سلالهم لجمع الأزهار المتفتحة بعناية.
يقول أحد الفلاحين لمراسل إي أف أم: "الموسم هذا هو فرصة للفلاحين باش يستنفعوا، خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية. نجني الزهر ونعملو على بيعه إما للمعامل أو للأشخاص اللي يقطّروه في ديارهم".
بعد الجمع، يُنقل الزهر إلى الأسواق حيث يختلف سعره حسب جودته ووفرة الإنتاج، إذ تراوح هذه السنة بين 14 و20 دينارًا للكيلوغرام الواحد، وفق ما أكده عدد من الباعة في سوق نابل.
تقطير الزهر: موروث عريق وقطاع اقتصادي واعد
تعدّ عملية تقطير زهر النارنج من أقدم التقاليد في ولاية نابل، حيث تحافظ العائلات على الطرق التقليدية في استخلاص ماء الزهر والزيت العطري الذي يُستخدم في مجالات متعددة، من الطهي إلى صناعة العطور والأدوية الطبيعية.
يقول أحد الحرفيين المختصين في التقطير في بني خيار:
"العملية مازالت تقليدية، نعتمد على الكوانين النحاسية ونعملو بطريقة جدودنا. ماء الزهر النابلي مطلوب حتى خارج تونس، ونلقاو ديما حرفاء من أوروبا وأمريكا يشريوه بأسوام باهية".
إلى جانب ماء الزهر، يتم استخلاص زيت زهر النارنج بكميات محدودة نظرًا لتكلفته المرتفعة، حيث يُباع اللتر الواحد منه بأسعار تصل إلى 3000 دينار وأكثر، وهو مطلوب بشدة في صناعة العطور العالمية.
تحديات تواجه القطاع
رغم الأهمية الاقتصادية لموسم الزهر، يواجه الفلاحون وأصحاب المعامل التقليدية عدة تحديات، أبرزها تقلبات الطقس التي تؤثر على جودة الإنتاج وارتفاع تكاليف العمالة إضافة إلى قلة الدعم الحكومي لهذا القطاع التقليدي، وفي هذا السياق، طالب العديد من الفلاحين بمزيد من التشجيع والدعم للحفاظ على هذا الموروث الوطني الذي يمثل أحد رموز ولاية نابل.
موسم متجدد… ورائحة تمتد للعالم
يبقى موسم زهر النارنج في بني خيار، نابل، والمعمورة مناسبة تجمع بين العراقة والاقتصاد، حيث يحوّل الأهالي عبق الأزهار إلى منتجات ذات قيمة عالية، تلقى إقبالًا محليًا ودوليًا وبينما يختتم الفلاحون موسم الجني، تستعد الجهة لتصدير كنزها العطري إلى العالم، في انتظار ربيع جديد يحمل معه روائح الزهر ونكهة التراث.
Address: Immeuble Louati 4e étage Lot 6.5.9
Les Jardins du Lac - Tunis - Tunisie
Tél: +216 70 016 020
E-Mail: contact@ifm.tn