وفي مقطع نشره مسؤول في منظمة تطوعية خلال عملية فحص روتيني في المنطقة، ظهرت إحدى السيدات المصابة بالمرض في وضعية مأساوية.
ويتضح من حديثها مدى فقدانها الأمل في التعافي من مرض، خاصة أن حياتها تحوّلت إلى كابوس، فقد فقدت ثلاثة من أطفالها بسبب إصابتهم بالمرض.
وأصبح الحزن والمرض الغامض، يتنازعان وضعية السيدة، التي فقد كل شيء في لحظة، بعدما عانت المنطقة، من تداعيات الحرب، عبر تفشي الأوبئة، وتدهور الأوضاع المعيشية.
وفي المقطع الذي ظهرت في السيدة، قال المسؤول، إن عملية الفحص أكدت وجود 350 إصابة معظمهم من الأطفال والنساء. فيما رجّح خبراء صحيون، أن تكون الإصابات ناجمة تلوث كيميائي.
وتحدث استشاري الصحة العامة عبد الماجد مردس، عن عدد من الاحتمالات لانتشار المرض، من بينها وجود زيادة في بعض العناصر نتيجة تلوث كيميائي.
وقال في تصريح صحفي بهذا الخصوص: "بعض المواد الكيميائية والمركبات النباتية أو البيئية قد تتداخل مع امتصاص اليود أو إنتاج الهرمونات الدرقية".
دعوى أمام الجنائية الدولية
العديد من الأوبئة المنتشرة في السودان، ربطها مختصون بوجود تلوث كيميائي، في ظل الحديث عن ثبوت استخدام الأسلحة الكيميائية من طرف الجيش السوداني.
ورفضا لاستخدام الأسلحة، أعلن التحالف السوداني للحقوق (Sudanese Alliance for Rights) 25 سبتمبر 2025، عن تقديم دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بالتعاون مع فريق من المحامين الدوليين، ضد أربعة من كبار قادة السلطة في بورتسودان ، بينهم رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان، على خلفية اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية.
وتضمنت الدعوى انتهاكات جسيمة ضد المدنيين خلال النزاع المستمر منذ منتصف إبريل 2023. وأوضح أن الدعوى تستهدف البرهان، وياسر العطا، وشمس الدين الكباشي، واللواء الطاهر محمد. وقال إن الأدلة المقدمة تطالب بفتح تحقيق ومساءلة المتهمين ومحاسبتهم على هذه الجرائم.
وقدّم التحالف، شكوى رسمية إلى المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بشأن الانتهاكات واستخدام الأسلحة الكيميائية، وأخرى إلى رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، طالب فيها بـفتح تحقيق عاجل وتجميد عضوية سلطة بورتسودان في المنظمة. وحذر من أن استمرار الصمت الدولي “يشجع على الإفلات من العقاب”.
وجاءت هذه الدعوى، بعدما أعلنت الخارجية الأمريكية، عن ثبوت استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية، وأعلنت فرض عقوبات على السودان، دخلت حيز التنفيذ في السادس من يونيو حزيران، من العام الجاري.
وتضمنت العقوبات قيودا على الصادرات الأمريكية وخطوط الائتمان الحكومية الأمريكية. وجاء في بيان الخارجية: “الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام كل الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية”.
الخرطوم متلوثة
ومن جهة أخرى، كان المرصد السوداني الوطني لحقوق الإنسان، قد أعلن أنه في "الخرطوم بحري، وبالتحديد في المحطة الوسطى والأحياء الممتدة على طول شارع الإنقاذ، سقطت براميل متفجرة ممزوجة بالغازات السامة فوق البيوت والأسواق." وأكد أنه "قضى المئات في لحظات، وانتشر التلوث الكيميائي في الأجواء."
وأضاف في بيان أصدره في السادس من سبتمبر 2025، أنه "ما تشهده الخرطوم كارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة... هذه المناطق لن تكون صالحة للسكن لسنوات قادمة."وقال إن "استهداف المدنيين بالغاز السام هو جريمة حرب موثقة، وغاز الخردل مصنّف كسلاح محظور دوليًا وفقًا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية."
وتابع المرصد في البيان: "استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السكان الأبرياء يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية."
وأشار إلى غاز الخردل لا يقتل على الفور، بل يترك ضحاياه يتألمون لساعات، وأحيانًا لأيام، وشدد على "أن هذا الانتهاك محظور دوليًا، و"يصنّف كـ جريمة حرب تستوجب المحاسبة الجنائية أمام المحاكم الدولية."
حظر دولي
في غضون ذلك، ومع الدعوى المطروح أمام الجنائية الدولية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، قد فرضت عقوبات على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، على خلفية جرائم حرب، واتهامات بزعزعة الاستقرار وتقويض الانتقال الديمقراطي.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية منتصف يناير 20025، إن الجيش السوداني بقيادة البرهان ارتكب هجمات مميتة على المدنيين، بما في ذلك الغارات الجوية ضد البنية التحتية المحمية بما في ذلك المدارس والأسواق والمستشفيات.
وحمّلت الجيش السوداني المسؤولية عن الحرمان المتعمد للمدنيين من المساعدات، باستخدام الغذاء كتكتيك حرب. وأكدت أنه يعارض العودة إلى الحكم المدني في السودان، ورفض المشاركة في محادثات السلام الدولية لإنهاء القتال، واختار الحرب على المفاوضات.
وأوضحت أن "التكتيكات التي اتبعتها القوات المسلحة السودانية تضمنت القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، والهجمات على المدارس والأسواق والمستشفيات، والإعدامات خارج نطاق القضاء".
ومن جهة أخرى، فرض الاتحاد الأوروبي قبل ذلك، عقوبات على قائد القوات الجوية السودانية الطاهر محمد العوض، بسبب مسؤوليته عن القصف الجوي العشوائي لمناطق سكنية مكتظة منذ بداية النزاع.
وسيفرض عليه بموجب العقوبات، تجميد الأصول وحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية لهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بالإضافة إلى ذلك، يفرض عليه حظر السفر داخل الاتحاد الأوروبي.
"خنجر مغروس"
المؤسسة العسكرية التي تزعم حماية الوطن، هي الخنجر المغروس في خاصرته، استمرأت الإفلات من العقاب فزادت في انتهاكاتها، حسب الناشط منعم سليمان.
وقال إنه "منذ فجر الاستقلال، ظلّ الجيش السوداني يتدثّر برداء الحامي، لكنه في كل مرة يخلع القناع ليكشف وجه الجلاد.
Address: Immeuble Louati 4e étage Lot 6.5.9
Les Jardins du Lac - Tunis - Tunisie
Tél: +216 70 016 020
E-Mail: contact@ifm.tn