وقام الأمين العام الحالي للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بتأبين الفقيد في جنازة وطنية بعد ان تم نقل جثمانه من منزله بحي التحرير بالعاصمة إلى ساحة محمد علي ثم إلى المقبرة .
ولد الفقيد عبد السلام جراد في جزيرة قرقنة سنة 1937 في عائلة كان كلّ أفرادها يعملون في البحر ويكسبون منه رزقهم. وحرص والده على تعليمه فألحقه بالكتّاب ثم بالمدرسة الابتدائية ومنه إلى المعهد الثانوي الفني بصفاقس. لكنّه تعجّل أمرَه والتحق باكرا بعالم العمل والعمال حيث شاء قدره أن يضعه في شركة النقل بالحافلات المعروفة في ذلك الوقت تحت اسم "سطاس" وهي نفس الشركة التي عمل فيها الشهيد الزعيم فرحات حشاد وفق ما نشرته الصفحة الرسمية للمنظمة الشغيلة
التحق بها سنة 1959 كعون فنّي وانتبه مبكرا إلى حجم المظالم التي كان يعانيها العمّال فبادر بالانخراط في الاتحاد بغاية الدفاع عنهم وبعد سنتين انتخب كاتبا عاما للنقابة الأساسية بفرع الشركة بصفاقس ومنها انطلق في تنظيم التحركات العمالية وتوحيد العمال وراء المطالب الأساسية التي تضمَن لهم حقوقَهم وتحسِّن أوضاعَهم المادية والمعنوية.
كان في قمّة اندفاع الشباب وتحمُّسه لمّا حصلت في جويلية 1965 قضية الباخرة الرابطة بين صفاقس وقرقنة والتي سجن من أجلها الزعيم الحبيب عاشور وأُبعد من الأمانة العامة للاتحاد حيث لم تكن تلك القضية إلاّ تعلّةً للاستيلاء على الاتحاد وتنصيب قيادة موالية على رأسه. وتعرّض عبد السلام جراد إلى عقوبة إدارية صارمة تمثّلت في نقلته للعمل بالعاصمة في ظروف كانت صعبة ماديا وعائليا.
لم يثنه ذلك العقاب عن مواصلة العمل النقابي صلب الهياكل الشرعية و انتخب سنة 1971 كاتبا عاما مساعدا لجامعة النقل ثم شغل خطة كاتب عام سنة 1975 وخلال تلك الفترة نظّم واحدا من أكبر الإضرابات التي شهدها قطاع النقل وكان عوامل نجاح ذلك الإضراب التاريخي دقّة التنظيم وسرّية التحرّك ومن علاماته استعمال كلمة "عرس" كعبارة سرّية للتمويه وصرف اهتمام السلط عنه.
استمر عبد السلام جراد في مسؤولية الكتابة العامة للجامعة العامّة للنقل إلى جانفي 1978 حيث تمّ اعتقاله ضمن قيادات الاتحاد التي اتُّهِمَت بالتسبب في الأحداث الأليمة التي تبعت الإضراب العام يوم 26 جانفي من نفس السنة. وكان الفقيد من بين النقابيين الذي تلقّوْا شتّى أنواع التعذيب والتنكيل التي تركت آثارا على جسمه ومنها فقدان السمع في إحدى أُذنيه.
وعاد الفقيد سنة 1980 على رأس جامعة النقل في إطار الحل الذي تم التوصل إليه آنذاك وخلال عدة سنوات تمكّن من قيادة الجامعة العامّة وتحقيق العديد من المكاسب منها القوانين الأساسية وتحسين أجور العمّال وفرض العديد من الامتيازات لهم.
في سنة 1983 انتخبته الهيئة الإدارية الوطنية عضوا في المكتب التنفيذي الوطني على إثر الفراغ الحاصل باستقالة 7 أعضاء ولكن المهمة لم تدم طويلا باعتبار حصول أزمة سنة 1985 وتنصيب قيادة موالية للسّلطة وسجن النقابيين الشرعيين عقبها وكان منهم عبد السلام جراد الذي وضعت عراقيل عديدة أمام عودته للنشاط النقابي.
و انتُخب في مؤتمر سوسة المنعقد سنة 1989 أمينا عاما مساعدا مسؤولا عن النظام الداخلي وتجدّد انتخابه في 1993 و1999. وفي سنة 2000 أصبح أمينا عاما للاتحاد قبل ان يتجدّد انتخابه كذلك في مؤتمري جربة 2002 والمنستير 2006.
شغل عدّة مناصب مغاربية وعربية ودولية بدءا باتحاد النقل العربي والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحاد النقابي العالمي – السيزل سابقا - كما تولّى الأمانة العامة للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي ورئاسة الاتحاد العربي للنقابات ونيابة رئيس الاتحاد الدولي للنقابات CSI.
ورفض جراد لبن علي يوم الخميس 13 جانفي 2011 أثناء مقابلته له بتكليف رسمي من الهيئة الإدارية طلب تأجيل أو إلغاء إضراب إقليم تونس المقرر ليوم 14 جانفي وهو الإضراب الذي كان له الأثر الحاسم في تقرير مصير الثورة.
Address: Immeuble Louati 4e étage Lot 6.5.9
Les Jardins du Lac - Tunis - Tunisie
Tél: +216 70 016 020
E-Mail: contact@ifm.tn