قال أستاذ التاريخ المعاصر عادل بن يوسف في تصريح لبرنامج مع حاتم على إي أف أم، مساء الثلاثاء 28 أفريل 2020، إن مسلسل قلب الذيب يعد بادرة طيبة من المخرج والمنتج، لإثراء الأعمال الدرامية التاريخية بحكم النقص والشح الكبير في هذه النوعية من الأعمال مقارنة ببعض الدول العربية الأخرى. 

في المقابل عدد الأستاذ بن يوسف كما كبيرا من الأخطاء التاريخية التي ظهرت في المسلسل، والتي لم تتم دراستها على النحو اللازم، دون أن ينكر ضخامة العمل من حيث الأسماء الكبيرة للمثلين الذين شاركوا فيه. 

ومن بين هذه الأخطاء، أخطاء تاريخية تتعلق بالمقاومة المسلحة، وباللباس، فمثلا في الحلقة الأولى من المسلسل تم ذكر التاريخ على أساس أن المشهد من الإيالة التونسية سنة 1948، وتمت الإشارة إلى أن المسلسل تم تصويره في جهة القصرين، فيما ظهر الممثلون يرتدون الكذرونة وهي من خصوصيات الساحل التونسي ولا تتماشى مع المكان. 

من الأخطاء الأخرى الحديث أيضا عن مقاومة مسلحة في إطار الحركة المنصفية "المنصف باي"، في حين أن الحركة المنصفية لم تشهد مقاومة مسلحة، حيث تعلق الأمر بحركة سياسية تبناها الحزب الدستوري القديم وكان يتزعمها الرزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في القاهرة، وتمثلت قضيتها المركزية إعادة الباي المخلوع الذي تم نفيه في البداية إلى أقاصي الصحراء الجزائرية قبل أن يتم تحويله في مرحلة ثانية إلى مدينة بو الفرنسية. 

وبالنسبة للمقاومة المسلحة لم تظهر سوى على إثر مؤتمر انعقد ليلة 18 جانفي 1952 بعد تسلم تونس والحزب رد وزير الخارجية الفرنسية روبرت شومان، على المذكرة التي أرسلها الحزب في 31 أكتوبر، ليأتي الرد في 15 ديسمبر ويقرر الزعيم بورقيبة قطع علاقات التفاوض، ويأذن بالصعود إلى الجبال للمقاومة. 

واضاف أستاذ التاريخ المعاصر أن الحديث عن مقاومة مسلحة في إطار الحركة المنصفية بين سنوات 1943 و1947، يوجد فيه فارق 4 سنوات على الأقل على انطلاق المقاومة المسلحة الحقيقية في البلاد التونسية سنة 1952. 

كما أشار محدثنا إلى أن إقحام شخصية الجزائري ميلود في المسلسل على أنه مقاوم جزائري يجلب السلاح للتونسيين كان خطأ آخر مجانبا للحقيقة تماما، حيث وأنه بعد إعلان الثورة الجزائرية سنة 1954 عبر إذاعة صوت العرب بالقاهرة في بيان شهير، كان الزعيم المصري جمال عبد الناصر يدفع بالسلاح عبر جنوب مصر ثم ليبيا فتونس ليصل إلى الحدود الجزائرية، كما أن التونسيين توجهوا بعد حصول بلادنا على الاستقلال الداخلي إلى الجزائر كمتطوعين لمقاومة المحتل وكان على رأسهم اثنان من زعماء المقاومين وهما لزهر الشرايطي والمقاوم الطاهر لسود. 

أخطاء أخرى تم رصدها على مستوى بعض التفاصيل الدقيقة على مستوى الملابس، قالأقمصة التي كانت ترتديها شخصية الممرض الهادي التي لعب دورها الممثل عزيز الجبالي لا تتماشى مع فترة الخمسينيات، كما أن يافطات المحلات والشبابيك والأبواب لا تمت إلى واقع تلك الفترة الزمنية بأية صلة، شأنها في ذلك الفساتين وأحذية الكعب العالي وحقائب اليد التي لم تصبح موضة إلا بعد فترة الخمسينيات والستينات. 

من بين الأشياء الأخرى التي عابها الأستاذ عادل بن يوسف على صناع المسلسل هو تغييب عدة أسماء وشخصيات محورية في تلك الفترة، على غرار الزعمين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة. 

وآخر الأخطاء التاريخية التي كشفها محدثنا تعلقت بمسألة تنفيذ حكم الاعدام في حق المتورطين في قضايا وطنية بالساحات الوطنية، حيث أنها توقفت بداية من سنة 1925، وآخر حكم تم تنفيذه ضد المرحوم الشهيد الدغباجي سنة 1924 في الحامة.