إعلانات

الحمامات: الحنين إلى ''قصعة الحلال'' موروث حمّامي على حافة الاندثار

الحمامات: الحنين إلى ''قصعة الحلال'' موروث حمّامي على حافة الاندثار

IFMالثلاثاء 22 أفريل 2025 - 22:28
وسط زحمة الحياة العصرية وتغيّر أنماط العيش، تكاد "قصعة الحلال" تختفي من عادات مدينة الحمامات، رغم ما تحمله من رمزية اجتماعية وثقافية متجذّرة في الذاكرة الجماعية للحمّاميّين.

طقس فرح لا يشبهه شيء

"قصعة الحلال" ليست مجرّد أكلة تقليدية، بل هي طقس احتفاليّ خاص يُقام ليلة خروج العروس من بيت أهلها، تحديدًا في يوم "التبييت" أو "المحضر". يُقال إن أصل التسمية يعود إلى فرحة والد العروس بخروج ابنته "بالحلال"، على سنة الله ورسوله، وهو ما يمنح هذا الموعد قدسيّته وخصوصيته.

العادة تفرض أن تُعدّ القصعة في بيت العروس، إما بمساعدة الجيران أو باستقدام امرأة خبيرة "بالذمة" تطبخ وسط جمع من النسوة اللاتي يعاونّها، فتتحوّل الأجواء إلى ورشة طهي جماعية تنضح بالمحبة.

مكونات لا تُحصى... وبهجة لا تُشترى

تُطبخ "القصعة" من كسكسي أبيض دون طماطم، بالزعفران والحمص واللوز والزبيب والبيض المسلوق، ويُزيّن وجهها بالحلوى. أمّا اللحم، فيُقال إن العادة تقتضي استعمال 100 لحمة و100 عظمة، رمزيًا للدلالة على الكرم والوفرة.

قبل الأكل، تُقرأ الفاتحة وتُتلى الأدعية وتُصلّى على النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تبدأ الوليمة على وقع الزغاريد. كانت العادة أن يأكل الجميع من نفس القصعة، رجالًا بعد صلاة العصر، ونساءً في جلسة خاصة، حيث لا يختلط الطرفان احترامًا للتقاليد.

من الطقس إلى الذكرى

ورغم محاولات البعض الحفاظ على هذه العادة، فإن "قصعة الحلال" بدأت تتلاشى من بيوت الحمّاميّين. الأسباب عديدة، أولها ارتفاع التكاليف، وثانيها تغيّر نمط الحياة، وابتعاد الكثيرين عن الطقوس الجماعية.

تقول الحاجة ربيعة، من سكان المدينة القديمة:
"زمان، كانت القصعة فرحة الحومة الكل، نحضّرو فيها ونعاونو بعضنا... اليوم، وليت الذكرى أغلى من العادة نفسها."

 ذاكرة لا تموت

ورغم كل شيء، تبقى "قصعة الحلال" شاهدًا حيًّا على زمن الجماعة، واللمة، والنية الطيبة. قد لا تُطبخ كما في السابق، لكن حضورها في وجدان أهل الحمامات لا يزال قويًا. هي ليست فقط وجبة، بل مرآة لعلاقة الناس ببعضهم، واحتفال بالحلال، والبركة، والفرح النقيّ.

تقرير منتصر ساسي



مقالات مشابهة