إعلانات

التحول للهيدروجين في صناعة الصلب.. لماذا لا يكفي المال وحده؟    

التحول للهيدروجين في صناعة الصلب.. لماذا لا يكفي المال وحده؟    

DWالثلاثاء 22 جويلية 2025 - 22:47
من المفترض أن يجعل الهيدروجين الأخضر صناعة الصلب رفيقة بالبيئة وأكثر استدامة. لكن رغم الإعانات التي تقدر بالمليارات، أوقفت شركة أرسيلور ميتال التحول إلى إنتاج الصلب الأخضر. فهل هي حالة فردية أم تحذير لهذا القطاع؟.

صناعة الصلب هو العمود الفقري للصناعة الألمانية ولكنها أيضا مصدر رئيسي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ويسبب إنتاج الحديد الخام والصلب ما يقرب من سبعة في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في ألمانيا.

وإذا كانت صناعة الصلب محايدة مناخيا يمكن توفير ما يصل إلى 55 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام وهو ما يعادل حوالي 30 في المائة من جميع الانبعاثات الصناعية في ألمانيا. وحوالي سبعة في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في ألمانيا، حسب الاتحاد الألماني للصلب.

لكن يجب ألا يبقى الأمر على هذا النحو. إذ يمكن أن يصبح الإنتاج أكثر استدامة إذا تم تصنيع الصلب باستخدام الهيدروجين الأخضر بدلا من فحم الكوك. بعبارة أخرى باستخدام الهيدروجين الذي يتم إنتاجه بواسطة الطاقات المتجددة.

لماذا ألغت شركة أرسيلور ميتال خططها في ألمانيا
كانت هذه بالضبط خطة مجموعة أرسيلور ميتال لصناعة الصلب. إذ أرادت الشركة تحويل الإنتاج في ألمانيا إلى الهيدروجين الأخضر من أجل تحقيق هدف المجموعة المتمثل في إنتاج الصلب بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

وقد وعدت الحكومة الألمانية بتقديم دعم بقيمة 1,3 مليار يورو لهذا الغرض. لكن تم التراجع عن ذلك في جوان 2025. فقد ألغت شركة أرسيلور ميتال خططها لإنتاج الصلب الأخضر في بريمن وآيزنهوتن شتات.

وقال غيرت فان بولفورد، الرئيس التنفيذي لشركة أرسيلور ميتال أوروبا: "تتعرض صناعة الصلب الأوروبية حاليا لضغوط غير مسبوقة للحفاظ على قدرتها التنافسية حتى بدون التكاليف الإضافية المطلوبة لإزالة الكربون".

مليارات الإعانات لا تكفي
تتكبد شركات الصلب تكاليف إضافية، لأنه يتعين عليها بناء مصانع جديدة يمكن من خلالها إنتاج الصلب باستخدام الطاقة الخضراء. وكانت مليارات الإعانات مخصصة لهذا الغرض. ومع ذلك ليس هذا هو العبء الإضافي الوحيد. فالهيدروجين الأخضر أغلى من الفحم المستخدم حتى الآن. ولكن في نهاية المطاف يجب أن يتنافس الفولاذ الأخضر في الأسواق العالمية مع الفولاذ التقليدي الذي يعتبر إنتاجه أرخص ثمنا.

بالإضافة إلى ذلك يؤثر وضع السوق بالنسبة للفحم على جميع مصنعي الصلب التقليدي على حد سواء، كما يقول شتيفان ليشتنبومر، الأستاذ في جامعة كاسل الألمانية. ويتم تداول الفحم في السوق العالمية، فإذا ارتفع سعره، فإن هذا يؤثر على جميع المصنعين الذين سيضطرون عندئذ إلى جعل منتجاتهم أكثر تكلفة في حالة الشك.

"عندما يتحول منتجو الصلب إلى الهيدروجين، فإنهم ينتقلون إلى سوق مختلفة"، كما يوضح ليشتنبومر. "يميل الهيدروجين إلى أن يتم إنتاجه محليا ونقله في الواقع صعب للغاية هذه الأيام". ونظرا لأن هناك حاجة إلى الكثير من الكهرباء لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فإن أسعار الكهرباء المحلية حاسمة في تحديد مدى تكلفة الهيدروجين الأخضر.

ألمانيا ترغب في إنتاج الهيدروجين الأخضر
تكلفة انتاج الهيدروجين الأخضر ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه مصنعي الصلب، فهم بحاجة أيضا إلى توافر كميات كافية من الهيدروجين. وسيتم إنتاج جزء من هذا الهيدروجين في ألمانيا. فحسب الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين سيتم إنتاج حوالي عشرة غيغاوات من الهيدروجين في ألمانيا بحلول عام 2030.

لك الواقع لا يزال بعيدا عن ذلك. ففي فبراير/ شباط 2024 بلغت القدرة المركبة من المحللات الكهربائية حوالي 0.066 غيغاوات، حسب تقرير لجنة الخبراء المعنية بمراقبة تحول الطاقة. وقال مارتن فيتشل من معهد فراونهوفر لأبحاث النظم والابتكار في كارلسروه لبرنامج تاغسشاو الإخباري الألماني: إن الهدف لعام 2030 بالكاد يمكن تحقيقه.

يجب استيراد الهيدروجين الأخضر
الكميات التي لا يمكن إنتاجها في ألمانيا يجب استيرادها. وتفترض الحكومة الألمانية في استراتيجيتها المنقحة للهيدروجين لعام 2023 أن حوالي 50 إلى 70 في المائة من الطلب على الهيدروجين المتوقع لعام 2030 يجب أن يتم تغطيته عن طريق الاستيراد من الخارج. ومع ذلك سيتطلب ذلك قدرات إنتاجية في الخارج وقبل كل شيء بنية تحتية للنقل.

وتم التخطيط للعديد من تدابير البنية التحتية على مستوى الاتحاد الأوروبي التي سيتم تحقيقها بحلول عام 2030. وسيكون بعضها عبارة عن خطوط أنابيب الغاز التي ستنقل الهيدروجين في المستقبل. ومع ذلك يجري أيضا التخطيط لإنشاء خطوط أنابيب جديدة.

وهناك أيضا انتكاسات. فحسب تقارير إعلامية تم إلغاء بعض مشاريع خطوط الأنابيب العام الماضي. وعلى سبيل المثال قررت شركة Equinor النرويجية عدم مد خط أنابيب عبر بحر الشمال إلى ألمانيا. كما تم تأجيل بناء خط أنابيب من الدنمارك لعدة سنوات.

كما أن النقل من الخارج لم يتم تطويره بالكامل بعد. ومن أجل نقل الهيدروجين عن طريق السفن يجب تسييله وتبريده إلى 253 درجة تحت الصفر. وبدلا من ذلك يمكن تحويل الهيدروجين إلى أمونيا ثم شحنه. ومع ذلك يجب قبول خسائر الطاقة التي تبلغ حوالي 50 في المائة، كما يقول ليشتنبومر. ويشير إلى دراسات مختلفة حول نقل الهيدروجين من بلدان مثل ناميبيا أو شيلي أو أستراليا والتي غالبا ما تُظهر أن تكاليف النقل المرتفعة ستلغي مزايا التكلفة التي تتمتع بها هذه البلدان.

منتجو الصلب الآخرون يتمسكون بالخطط الخضراء
يشك معهد اقتصاديات الطاقة بجامعة كولونيا في إمكانية تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي لعام 2030 في ضوء ارتفاع التكاليف وتقييد الاستثمارات في جانب العرض والطلب.

وعلى الرغم من هذه المشاكل فإن أرسيلور ميتال لا تتخلى تماما عن خططها الخاصة بالصلب الأخضر، ولكنها بدلا من ذلك تقوم بتحويلها إلى البلدان التي توفر إمدادات طاقة تنافسية ويمكن التنبؤ بها، حسب بيان صحفي. ولا يتم بناء المشروع الأول الآن في ألمانيا، بل في مدينة دونكيرك بفرنسا. وتشكو الشركة من أن "أسعار الكهرباء الحالية في ألمانيا مرتفعة، سواء بالمقارنة الدولية أو بالمقارنة مع الدول الأوروبية المجاورة".

وبعد انسحاب شركة أرسيلور ميتال أعلنت شركتا تيسن كروب وزالتسغيتر إيه جي، عن عزمهما المضي قدما في خططهما الخاصة بالصلب الأخضر، ولكنهما دعتا إلى مزيد من السرعة في توسيع البنية التحتية وتأمين أسعار تنافسية للطاقة. ومع ذلك لا تملك أي من الشركتين خيار التحول إلى مواقع إنتاج أخرى.

كما يمكن للدولة أن تدعم إنتاج الصلب الأخضر من خلال إنفاقها علىالبنية التحتية. فمن أجل بناء الجسور والمباني والطرق توقع السلطات العامة كل عام عقودا بالمليارات. وحسب رأي ليشتنبومر يجب أن يكون القطاع العام مستعدا لدفع أسعار أعلى للصلب الأخضر.

الاتجار في الانبعاثات يساعد الصلب الأخضر
على المدى الطويل سيرتفع سعر الصلب في أوروبا سواء أكان التقليدي منه أو الأخضر، بسبب تجارة الانبعاثات. وحتى الآن حصلت الصناعة على حقوق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مجانا إلى حد كبير، كما يوضح ليشتنبومر. ولكن سيتغير هذا الأمر وسترتفع تكلفة الصلب المصنوع من الفحم نتيجة لذلك. وتفترض دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية أن الصلب التقليدي لن يكون مجديا اقتصاديا في أوروبا اعتبارا من عام 2030.

 

المصدر:  DW



مقالات مشابهة