
جرحى أحداث بن قردان : سئمنا تجاهل المسؤولين ولسنا دمى يزينون بها تظاهرة 7 مارس
اصطفوا بروضة الشهداء بعد ان تلقوا استدعاء تعودوا ان يتسلموه في مثل هذه المناسبة ليؤثثوا فقرة إحياء ذكرى 7 مارس ببن قردان ووجع التجاهل يحرق قلوبهم، هم تسعة جرحى احداث مارس 2016، اخترقت أجسادهم رصاصات الإرهابيين لتقلب أوضاعهم وتتبعثر حياتهم فأصبحوا عالة، عاجزين عن إعالة عائلاتهم.
قدموا ككل ذكرى صباح يوم 7 مارس علهم يلفتوا أنظار أعضاء الحكومة إلى أوضاعهم فتتيسر أمورهم وتنفرج همومهم بعد سباق ماراطوني وطواف دائم بين مقري المعتمدية والولاية بحثا عن حلول لاستكمال علاجهم أو لمساعدتهم ماديا على مجابهة حاجيات عائلاتهم.
مصباح خلف الله احدهم، وهو أب لسبعة أطفال، أكبرهم من مواليد سنة 2004، وأصغرهم من مواليد سنة 2015، هو إلى اليوم لم يستكمل علاجه من رصاصة مزقت أعلى رجله خلفت له شللا جزئيا وعجزا عن إعالة عائلته وتوفير دخل يقيها الفاقة وقلة ذات اليد، بعد أن كان يقتات من عمله الشاق بحضائر البناء.
اعتقد مصباح بعد مكالمة من رئيسة هيئة الشهداء والجرحى يوم 16 اكتوبر 2017 ان حاله سينفرج وان الشفاء قادم بإعلامه قبول ملفه للتداوي بالمستشفى العسكري، غير انه إلى حد هذا اليوم، لم يفعّل هذا القرار رغم مكالماته المتواصلة واتصالاته الجاهدة بالهيئة، ليقتنع في الأخير أن ملفه طواه النسيان والتجاهل.
تلقى مصباح في أول إصابته علاجا بمستشفى جرجيس، أين أقام 11 يوما، ثم بقي يتردد على مستشفى القصاب بالعاصمة في أحيان كثيرة، مكلفا نفسه مصاريف وأعباء التنقل والبحث عن الإقامة هناك، لكن وضعية رجله لم تتحسن وبقيت على حالها حتى موعد الصدمة عندما أعلموه بأن ملفه الطبي قد ضاع !
عبد السلام كردمين أول جريح ببن قردان أصابته هو الآخر رصاصة يوم 7 مارس على الساعة السابعة والنصف صباحا أفقدت يده الحركة فلم يعد قادرا على مواصلة عمله السابق سائقا لسيارة أجرة (لواج) بين بن قردان وتونس، وكالعادة تدفع الأسرة والأبناء الثمن باهظا.
لم يجد عبد السلام ما يقوله للتعبير عن معاناة جرحى منطقته سوى أن يعترف بأن الحكومة قد خذلتهم وتنكرت لكل وعودها نحوهم، فلم تمنحهم حتى بطاقة علاج او نقل مجانيين أو تساعدهم بموارد رزق تقي عائلات وراءهم شر الفاقة والخصاصة"، وأضاف "أبناؤنا يحرمون في كل عودة مدرسية من المساعدة ونحن عاجزون عن اقتناء كراس أو حتى قلم حبر جاف لهم".
خذلان ويأس وقناعة بأنه لم يعد يربطهم بمسؤولي الدولة غير استدعاء للحضور ليزوقوا به موكب الاحتفال أو مأدبة الغذاء مع أعضاء الحكومة المتعاقبين في مثل هذه المناسبة في كل سنة.
وبالقرب من مصباح وَعَبَد الرحمان بن فرحات، الذي فقد صوته بسبب رصاصة مزقت حباله الصوتية فأصبح يجد حرجا في الحديث، وقفت مباركة مطيار والخجل يغلب محياها لتقول "وضعيتي تاعبة تاعبة تاعبة" وهو ما اجمع عليه كل من يعرفها من الجرحى فهذه الفتاة التى شقت رصاصة بطنها، تعيش مع أم مقعدة ومع اخواتها البنات، مواجهة كل حاجيات الحياة بجراية المعوزين قدرها 180 دينارا ودون بطاقة علاج مجاني ونقل مجاني، حيث تلقت وعودا لتحصل عليها لكن لم يقع الوفاء بها، لم تستطع الحصول على مساعدة لتحسين مسكنها او منحها رخصة نقل تساعدها على أن توفر دخلا لها ولأخواتها وأمها.
حفيت أقدامهم وهو يكابدون عناء التنقل بين المسؤولين للتذكير بمعاناتهم وبواجب الدولة تجاههم، في أن ترعاهم وتعالجهم، لكن نداءاتهم لم تجد آذانا صاغية أو تجاوبا بل أصبح المسؤولون يتجنبونهم ويتفادون الخوض في وضعياتهم المزرية.
وبعد ثلاث سنوات، يبقى ملف جرحى أحداث مارس ببن قردان احد الملفات التي تنتظر التدخل والتفاتة جدية تمكنهم من الحصول على ما يحفظ كرامتهم وينقذ عائلات من الحاجة والخصاصة وتجلب الفرحة لأبناء يأملون في أن يتعافى آباؤهم من مخلفات رصاص الغدر والارهاب.